سيطرت المناقشات -حول إيجاد طرق لجعل العاملين عن بُعد لدينا أكثر إنتاجية وكفاءة- على عدّة محادثات فيديو لقسم الموارد البشرية. ومع ذلك، ودون إنكار أهميّة الإنتاجية، غالبًا ما يُستبعد الإبداع من تلك المحادثات. وحتى حين يُناقش الإبداع، فغالبًا ما يُنظر إليه على أنه شيء فقدناه مع الانتقال إلى العمل عن بُعد نتيجة فرضية تقول أنه -ونقصد الإبداع- نتاج جلسات العصف الذهني على أرض الواقع.
لكنه افتراض خاطئ. لا يعني عملنا عن بعد أن نكون أقل إبداعًا، وحتى عند العمل من بيئة المنزل -المليئة بالمشوشّات- يمكننا أن نكون أكثر إبداعًا. من خلال الاستفادة من الميزات الفريدة في العمل عن بُعد -ومن المنزل خصوصًا- يمكننا تعزيز إبداعنا، بشكل فردي وجماعي. وفيما يلي 4 طرق يمكننا عبرها أن نكون أكثر إبداعًا عند العمل عن بُعد، إضافةً لقائمة بالأدوات اللازمة لتحقيق ذلك.
يمنح العمل عن بعد الجميع فرص مساهمة متكافئة
دعنا نتخلى عن الطابع المرتبط بجلسات العصف الذهني على أرض الواقع، لأن معظمها لا يُجدي نفعًا في الوضع الراهن. حيث يغدو معظمها عبارة عن تمارين في التفكير الجماعي، مع مشاركة الأفكار أولاً بأول، أو بواسطة الشخص الأعلى صوتًا أو الأعلى في الغرفة، والذي يسيطر على المناقشة.
يمكن أن يتيح لنا العمل عن بُعد تجاوز الأسلوب التقليدي للعصف الذهني باستخدام العصف الذهني المكتوب (BrainWriting)، وهي طريقة ممتازة للتفكير.
أثناء جلسة العصف الذهني المكتوب، يفكر كل عضو في الفريق على حدى، أثناء الجلسة أو قبلها، دون خوض أي مناقشة.
تطبيق:
- ضع الجميع في مكالمة الفيديو على وضع كتم الصوت لمدة 10 دقائق، واطلب منهم طأطأة رؤوسهم والخروج ببعض الأفكار بمفردهم، ثم توثيقها ضمن مستند على حواسيبهم الشخصية أو مرسومة على أجهزتهم اللوحية.
- بعد ذلك، يشارك الجميع أفكارهم -في نفس الوقت- عن طريق اللصق على منصة تشاركية مثل: المنصات التي تقدّم سبّورة (WhiteBoard) تعاوني عبر الإنترنت كـ (Mural – Miro)، أو اللوح المدمج في زوّم، أو حتى بأسلوب بسيط مثل مستند وورد أو باوربوينت مشترك أو مستند غوغل.
- تعمل المجموعة على مراجعة جميع الأفكار ومناقشتها والبناء عليها. يفصل هذا الأسلوب بين التفكير المتباين (تفكير السماء الزرقاء الذي يركز على عدد الأفكار) والتفكير المتقارب (مقاربة نطاق) مراحل التفكير، والتي غالبًا ما تختلط في العصف الذهني التقليدي.
- اعتمد التفكير المتقارب وصوّت على الأفكار بعد ذلك.
يمنع أسلوب العصف الذهني المكتوب سيطرة (الشخص الأعلى صوتًا، أو أول المتحدثين، أو الأكبر سناً) على المناقشة وخنق الإبداع. وتتيح مشاركة الأفكار المكتوبة في نفس الوقت للشخص الانطوائي التألق إضافة لتحقيق المساواة لأعضاء الفريق الذين قد لا تكون اللغة الإنجليزية لغتهم الأولى.
هو نهج أكثر ديمقراطية نظرًا لوجود ضغط اجتماعي أقل لمتابعة فكرة شخص واحد، لذلك يساهم الجميع على قدم المساواة. وهو نهج للتفكير مثالي للتعاون عن بعد.
تمنحنا أدوات العمل عن بُعد قوى خارقة
تمنحنا منصات السبورة التعاونية وغيرها من الأدوات الرقمية قدرات جديدة وقوى عظمى لم نحظى بمثلها أثناء جلسات العصف الذهني التقليدية.
هل تحتاج إلى إجراء تحليل SWOT، أو إنشاء لوحة نموذج عمل، أو رسم رحلة عميل؟ غالبًا ما تتضمن أدوات السبورة البيضاء قوالب جاهزة لهذه المهام. يمكن حفظ مخرجاتها وتحريرها ومشاركتها بسهولة.
مهما كانت المنصة التي تعمل عليها، فالغالب أنها تحتوي على ميزة الدردشة، وهي قوة إبداعية أخرى يمنحنا إياها العمل عن بُعد. من خلال الدردشة، لدينا قناة إضافية للتواصل والتعليق على الأفكار والبناء عليها وطرح الأسئلة بطريقة يصعب استخدامها في الاجتماعات الشخصية.
يمكن تسجيل ومراجعة سجلات الدردشة، أو حتى الجلسة عن بعد كاملة، من قبل أولئك الذين لم يتمكنوا من الانضمام إلى البث المباشر. هذه ميزة إضافية عندما يتضمن عملك عن بُعد فريقًا عالميًا، وحين تمنع اختلافات المنطقة الزمنية الأعضاء من الانضمام في الوقت الفعلي.
يُعزز الإبداع بتنوع الفريق
لا قيمة لكل هذه الأدوات والتقنيات دون القوة الذهنية الجماعية للتوصل إلى أفكار إبداعية في المقام الأول. مع العمل عن بعد، لم نعد محصورين في القدرات الذهنية والإبداعية للحاضرين في الاجتماع. يمكننا جلب مجموعة زملاء متنوعة من أقسام أخرى لمؤسستنا، في نفس المدينة أو في بلد مختلف، أو حتى مبدعين من خارج المنظمة. تُنتج الفرق المتنوعة مزيدًا من الإبداع، لذا يتيح لنا العمل عن بُعد الاستفادة من مجموعة جديدة من الخبرات الإبداعية، والتي لا يمكننا التوصل إليها في الاجتماعات الشخصية.
كلما زاد عدد الأشخاص الذين تتعاون معهم، زادت الأفكار التي تحصل عليها، والتي من الممكن جدًا أن تقودك لبعض الأفكار العبقرية حقًا. كما قال لينوس بولينج الحائز على جائزة نوبل مرتين، “إذا كنت تودّ الحصول على أفكار جيدة، فلا بد أولًا أن تمتلك العديد من الأفكار”
دع العمل من المنزل يلهمك
بغض النظر عن مدى روعة مكاتبنا وشركاتنا، فهي ليست مواقع مثالية للإلهام والإبداع، أو للحظات الإلهام “المفاجئة” التي نُكافئ بها عند الخروج في نزهة أو عند الاستحمام. نمتلك -عند العمل من المنزل- فرصًا أكبر للإلهام، حتى مع وجود حيوانات أليفة أو أطفال أو أزواج. تأمّل كيف أنك مُحاط بالكتب التي تحبها، أو لوحاتك المفضلة، ونباتاتك الصغيرة، وحيواناتك الأليفة، وبالطبع أفراد أسرتك السعيدة. يمكن لكل هذا أن يُحفزنا ويلهمنا.
عندما لا نعمل في المكتب، يمكننا بسهولة الخروج في نزهة على الأقدام، ولا شيء يضاهي وميض الإبداع المفاجئ أكثر من المشي وسط الطبيعة. أو اذهب للركض أو اليوجا أو أي نشاط بدني آخر ثبت أنه يعزز الإبداع.
ولكن الأهم من ذلك، ونظرًا لكون العمل عن بُعد أصبح الوضع المعتاد الجديد للعديد منا، فلا يمكن أن نجادل حول البيئة الأفضل للقيام بعمل إبداعي. وإنما علينا أن نقدّم أفضل ما لدينا كمبدعين عن بعد. فلم يعد الوضع (حبذا لو كان.. كذا).
إليك أيضاً:
هذا المقال كتب بواسطة م.طارق الموصللي على منصة زد: https://bit.ly/3r8ZBNM